غزة بين المطرقة والسندان: من خان الدم أولًا ؟


بقلم: [ محمد بطل ]

في ليل غزة الطويل حين كان الأطفال ينامون على أصوات الانفجارات وحين كانت الأمهات يضممن أبناءهن في أركان البيوت المرتجفة لم يكن الخوف وحده يحاصرهم .
كان هناك وجعٌ أكبر ... إحساس بالخيانة .

من دمر غزة ؟
إسرائيل التي أطبقت الحصار وقصفت الحجر والشجر والبشر ؟
أم حماس، التي رفعت شعار المقاومة لكنها اختارت أن تقود شعبها إلى معارك كانت تعلم نتائجها مسبقًا ؟

في كل زاوية من شوارع غزة المحطمة يصرخ سؤال لا يجرؤ كثيرون على النطق به :
هل كان يمكن إنقاذ غزة لو اختارت حماس طريقًا آخر ؟

الحقيقة موجعة.
نعم حماس قاومت .
ونعم، الاحتلال وحشي لا يعرف للرحمة اسماً .
لكن بين الحقيقة والمأساة كان هناك دومًا هامش صغير .. هامش يمكن أن ينقذ حياة طفل أو يجنب أمًا فقدان فلذة كبدها، لو أن القرار كان أكثر حكمة لو أن الحسابات كانت أقل أنانية .

حماس أطلقت الصواريخ وإسرائيل أطلقت العنان لآلة الحرب .
وفي المنتصف، سقط الأبرياء .
سقطوا وهم لا يعرفون لأي ذنب يُقتلون ... ولا أي طرف سينعيهم بكلمة صدق .

الدم الذي سال على أرض غزة لا يحتاج إلى مرافعة سياسية .
ولا إلى خطب رنانة .
الدم يصرخ : كل من حمل بندقية ولم يفكر بحياة الناس شريك في الجريمة.
كل من اتخذ قرار الحرب وهو يعلم أن الضحايا سيكونون أطفالًا ونساءً، مسؤول أمام الله والتاريخ والضمير الإنساني .

غزة اليوم مدينة على حافة الانهيار لكن قلوب أهلها لم تنكسر بعد.
في كل بيت مهدوم يولد حلم جديد .
وفي كل قبر مفتوح ترتفع صرخة : "كفى عبثًا بدمائنا ... كفى متاجرة بأحلامنا... كفى بنازيف لا تنتهي!"

ربما كانت إسرائيل هي من ضغط على الزناد لكن من وضع غزة في مرمى النيران لم يكن بريئًا تمامًا .
وغدًا ... حين يُكتب تاريخ هذه الأيام السوداء، لن يُقال فقط من قصف، بل أيضًا من سمح بأن تُسحق غزة تحت سنابك المعارك الغبية .

غزة لا تحتاج أبطالًا مزيفين .
غزة تحتاج من يحميها ... من يحبها أكثر مما يحب السلطة أو السلاح أو الشعارات الخاوية .

وغزة، رغم كل شيء، ستبقى .
لأن المدن التي يغسلها الدم تولد من جديد ... أنقى وأقوى وأشد عنادًا من كل الذين خذلوها .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

*استثمار الذات* *ثروة فكرية*

مشروع تهجير أهل غزة إلى الأراضي الليبية

عاجل وخاص وحصرى بالصور محافظة الإسكندرية تضع التعريفة الجديدة لسيارات الأجرة فى السيارات وكل مكان وفرضت الالتزام على السائقين

تحركات مصر الإقليمية والدولية: معركة سياسية لمنع تهجير أهل غزة وحماية الأمن القومي

أطفال التوحد: فهم أعمق ودعم أكبر